Cherreads

Chapter 2 - الخربشة

لم تكن شقة أينار منزلاً بقدر ما كانت زنزانة فرضها على نفسه، عالياً في مبنى سكني تجاوز موعد إيقافه عن الخدمة بكثير. كان الهواء بالداخل ساكناً وثقيلاً، تفوح منه رائحة القهوة المحروقة وغبار المعادن واليأس المزمن. كل سطح مرئي—الجبس المتقشر، ألواح الأرضية المتشققة، الحافة المكسورة لحوض المرافق—كان مستهلكاً بنسيج محموم وكثيف من الفحم والرصاص: عيون لولبية تحدق بتناظر مقلق، أنماط هندسية-نفسية معقدة، متتاليات مفسدة تشبه شفرة مصدر متصدعة. كان النبض الضعيف والمتقطع لمصباح خدمات متصدع، معلق بسلك مهترئ، يوفر الضوء الوحيد، مما جعل الخطوط الفوضوية تبدو وكأنها تتلوى وتتحدث في الظل.

وقف أمام النافذة الوحيدة المسدلة، يلمح انعكاسه باهتاً في الزجاج المتسخ. كانت وقفته مشدودة، العضلات عبر كتفيه متيبسة. كان الانعكاس طيفياً، متراكباً فوق الرسومات الفوضوية خلفه. سحب الستارة السميكة والبالية جزءاً يسيراً، فغسل وهج النيون البارد للمدينة—مزيج من القرمزي والأزرق السماوي الكهربائي—وجهه بعنف، كاشفاً عن العمق الصارخ لعذابه الداخلي والإرهاق المحفور حول فمه.

"الحلم… إنه ليس مجرد حلم،" همس، صوته نحيل وجاف في الغرفة الصامتة. لم يكن يتحدث إلى الليل المعادي، بل إلى اليقين الذي يتجلى على جدرانه. "إنه رؤيا. يقين بما هو آت. الاختراق."

يده، المليئة بالندوب والملطخة باللون الداكن ببقايا الفحم، ارتجفت وهو يمسك بعصا فحم جديدة، مضيفاً حلزوناً معقداً جديداً إلى لوحته الجدارية المترامية الأطراف من الخوف المشفر. شعر بأنه كاتب محموم أكثر منه فنان. لم تكن هذه رسومات—كانت ترجمة قسرية وقهرية للغة لم تكن موجودة إلا في أعمق وأكثر طبقات عقله تصدعاً، حدس رياضي لم يستطع تجاهله. احتكت قطعة الفحم جافة بالجص، الصوت عالٍ جداً في الصمت الخانق، كأنها صرير عظمة.

طرق حاد ومفرد على الباب المعدني المقوى—ليس طرقاً عادياً، بل ضربة موجزة وذات سلطة، ترددها يذكر بتسارع إلكتروني. جمّده في منتصف الحركة. انزلقت عصا الفحم من أصابعه الخدرة وسقطت على ألواح الأرضية بصوت ثخ مكتوم. بدأ قلبه على الفور يطرق أضلاعه، كطائر محاصر ومذعور. لم يتنفس. لقد أصبح ببساطة عموداً من السكون المفاجئ والمروع.

عاد الصمت، مستهلكاً الغرفة على الفور. كانت الضربة مفردة، لكن دلالتها كانت مرعبة للغاية—كانت أكثر تحكماً من أن تكون من جار، وأكثر دقة من أن تكون خطأ. ببطء، وبحركات شعر أنها منفصلة عن إرادته، انزلق تحت طاولة مرتجلة مكدسة بمكونات أجهزة استشعار مهملة ودفاتر رسوم. حبس أنفاسه حتى كادت رئتاه تؤلمانه. من جيب معطفه الداخلي، استرجع جهاز اتصالات مهترئ. ضوءه الأزرق الخافت والثابت، الذي أضاء الخربشة المحمومة فوق رأسه، كان المرساة الوحيدة التي يمتلكها للواقع، حدوداً هشة ضد التهديد الخارجي. انتظر، مصغياً إلى خفقان دمه الثقيل في أذنيه.

More Chapters