بعد إخضاع الكسندر من قبل ماركوس، تم إخراج إيثان والبقية من ذلك السجن الذي كان تحت القرية.
حيث تم سجن الكسندر في إحدى غرف المستشفى ووضعه تحت الحراسة المشددة إلى أن يقرر العجوز ما الذي سيفعلونه به.
بينما تم نقل لوكاس وإيثان إلى المستشفى لمعالجتهم.
**(عند غرفة إيثان ولوكاس)**
كان إيثان نائماً في سريره بينما كان لوكاس يقرأ أحد الكتب بهدوء.
إلا أن فجأةً فتح باب غرفتهم ليدخل ماركوس ونيكولاس وجيني بالإضافة إلى الطبيب الذي أنقذ إيثان من أن تخترق الدودة الطفيلية ذراعه.
توجه الجميع نحو إيثان بينما ظل الطبيب ينظر إلى لوكاس بعينين مصدومتين وكأنه رأى شبحاً أمامه.
لاحظ لوكاس نظرات الطبيب المريبة إليه ثم قال له باستغراب: "ماذا؟".
بدأت الدمور تَنْغَمِر من عيون الطبيب مما زاد من استغراب لوكاس ثم أكمل كلامه: "أنت بخير يا صديقي؟".
لم ينطق الطبيب أي كلمة واكتفى بخلع كمامته وقبعته لتظهر ملامحه للوكاس الذي ظهرت عليه ملامح الصدمة ثم قال بنبرة متفاجئة: "جايسون؟!".
توجه جايسون نحو لوكاس بسرعة وعانقه بقوة والدموع تملأ عينيه ثم قال بمزيج من السعادة والحزن: "لوكاس (بكاء) لا أصدق ما أراه... لا أصدق ما أراه أنك حي (بكاء) لقد ظننتك ميتاً!".
عانق لوكاس جايسون بينما بدأت عيناه بالبكاء: "وأنا أيضاً... وأنا أيضاً لم أظن أني قد أعيش بعد كل ما رأيته".
استمرت اللحظة المشحونة بالمشاعر بين لوكاس وجايسون بينما كان الآخرون في الغرفة يراقبون المشهد بصمت وذهول.
بدأ جيني ونيكولاس يحاولان فهم العلاقة بين الطبيب ولوكاس، في حين استيقظ إيثان بسبب أصوات البكاء في المكان.
بعد لحظة من العناق تراجع جايسون قليلاً، ممسكاً بكتفي لوكاس ونظر إلى يده المبتورة وفي وجهه تعابير القلق والغضب: "ما الذي حدث لذراعك؟! ما الذي فعلوه بك؟".
عبس وجه لوكاس متذكراً ما حدث له في تلك المرة ثم قال: "لا داعي للقلق يا أخي. فبالنهاية أنا مازلت حياً وهذا ما يهم حالياً".
رد عليه جايسون بانفعال: "ما الذي تقصده بلا داعي للقلق؟ ذراعك مبتورة!".
وضع لوكاس يده على كتف جايسون ونظر إليه وفي وجهه ابتسامة خفيفة: "صدقني يا أخي هذا شيء جيد مقارنة بما كان سيحصل لي".
ظهرت ابتسامة خفيفة على وجه جايسون ثم رد عليه: "إذا كان هذا الأمر... فأنا سعيد كونك على قيد الحياة".
بدأت الدموع تتقطر ببطء من عيون جيني بسبب تأثرها بالمشهد بينما قام إيثان بتغطية نفسه والعودة إلى النوم.
التفت نيكولاس نحو إيثان ثم قام بنزع غطائه من فوقه وقال بنبرة ساخرة: "استيقظ أيها الكسول نحن هنا نعيش لحظات مؤثرة وأنت تغط في النوم كالكسول!".
نظر إيثان نحوه بمزيج من الانزعاج والإرهاق ثم أشار بيده وكأنه يطلب منه أن يتركه وشأنه.
تدخلت جيني ثم قالت لنيكولاس: "دع إيثان وشأنه يا رجل لقد مر بالكثير الليلة الماضية إنه يستحق بعض الراحة".
نظر ماركوس نحو نيكولاس ثم قال له بنبرته الهادئة المعتادة: "دع إيثان يرتاح لبعض الوقت يا نيكولاس لا بد أن ما حصل له هذا اليوم قد استهلك طاقته".
وافق نيكولاس على مضض ثم رمى الغطاء على وجه إيثان بينما يقول: "كيف ينام هذا الأبله مع كل هذا الإزعاج".
الالتفت نيكولاس ناحية لوكاس ثم قال له: "لقد تم حبس الكسندر حالياً في المستشفى الآن يتم التفكير بما سوف يفعلونه به".
رد لوكاس عليه وفي نبرته نوع من الحقد والكراهية: "ما الذي تقوله؟ يجب أن يحكم عليه بالإعدام على جرائمه! مع أن هذا قليل بحقه".
رد ماركوس عليه: "حسناً هذا صحيح. لكننا لم نعرف بعد ما الذي كان يفعله بالناس الذين اختطفهم لذلك بما أنك كنت هناك لفترة طويلة فعلى الأغلب أنت تعرف ولو قليلاً عما كان يفعله لذلك من فضلك أخبرني بكل ما تعرفه".
تابع لوكاس كلامه وقد خيم عليه شعور ثقيل من الغضب والحزن: "لا أعرف من أين أبدأ.... في يومي الأول هناك كان هناك سجين آخر بالقرب من زنزانتي لا أعرف كم بقي مكتوفاً هناك لكن على الأغلب أنه كان هناك منذ فترة. المهم أنه قد كان طبيعياً مثلنا جميعاً لم يكن يتكلم كثيراً لكنه ذكر أن اسمه كان إدوارد أو شيء مثل هذا. بقيت أكلمه لمدة يوم على الأغلب إلا أن أتى ذلك العا** وقام بأخذه بالقوة ناحية تلك الغرفة المشؤومة. لم تكن الغرفة بجانبي لكني استطعت سماع صراخه من بعيد... أصوات صراخه المليئة بالألم... وصوت المعدن من السرير المعدني... تلك كانت الأصوات التي كنت أسمعها عادةً هناك. المهم بعد مدة من أخذه توقفت أصوات الصراخ مما جعلني أظن أنه قد قام بقتله... لكنه قد قام بشيء أسوأ. بعد مرور ساعة على الأغلب من الهدوء أو أكثر رأيت ذلك ال*** يسحب شيئاً ما باستعمال الحبل. لقد كان جسماً بشرياً بدون أقدام وبأذرع قصيرة وبدل عيونه كانت هناك أذناه بينما وجهه كان مخيطاً وكأنه قد أعيد تركيبه. لم تمر دقائق إلا أن استوعبت أن ذلك المخلوق المشوه قد كان نفسه هو إدوارد... إنه يقوم بتجارب على بشر. (زاد انفعاله) إنه يقوم بتشويه أشكالهم وجعلهم يتعذبون عن طريق أجسادهم المشوهة".
رد عليه ماركوس: "حسناً هذا مفيد لكن كيف عرفت أن ذلك المخلوق هو نفسه إدوارد؟".
رد عليه لوكاس: "لقد كان لدى إدوارد وشم على شكل صقر في ذراعه ذلك ما مكنني من تمييزه".
رد عليه ماركوس: "حسناً هذا منطقي نوعاً ما. هذه المعلومات ستكون كافية لإدانته.".
الالتفت ماركوس نحو الباب ثم خرج من الغرفة من دون قول شيء.
نظرت جيني نحو جايسون وقالت له بنبرة متسائلة: "أيها الطبيب ما علاقتك بهذا الرجل؟".
رد عليها جايسون وفي وجهه ابتسامة خفيفة: "إنه أخي الأصغر لقد اختفى قبل 15 يوماً من الآن. لقد ظللت أبحث عنه لمدة أسبوع إلا أن غلبني اليأس وظننت أنه قد مات لكن ها هو ذا حي يرزق أمامي".
ردت عليه جيني: "هذا أخوك إذاً. حسناً أنا سعيدة لكما الاثنان".
نظر لوكاس ناحية إيثان النائم ثم قال بنبرة ممتنة: "لم أكن لأكون حياً لولا مساعدة ذلك الفتى على الرغم من أنني كنت فقط عبئاً عليه لكنه قام بالجري معه محاولاً إنقاذي. لن أنسى هذا الجميل ما حييت".
نظر جايسون ناحية إيثان النائم وفي وجهه نوع من الصدمة والاطمئنان: "إنه نفس الطفل الذي اخترقت الدودة ذراعه ههه من كان يتوقع أن أبلهاً مثله سيقوم بإنقاذ أخي الصغير. حقاً هذه الحياة لا يمكن توقعها".
**(انتقال إلى ماركوس)**
وصل ماركوس إلى المكان الذي احتجز فيه الكسندر ليجد حرسين يقومان بحراسة الباب والعجوز واقفاً أمامهم وكأنه كان في انتظاره.
عندما رأى العجوز ماركوس توجه نحوه وفي وجهه تعابير الجدية ثم قال بنبرة صارمة: "أخيراً أتيت يا ماركوس لدي قرار مهم يجب أن نتخذه بسرعة".
رد عليه ماركوس بهدوء ولكن بجدية: "هل يتعلق الأمر بمصير الكسندر؟".
رد عليه العجوز: "مصير الكسندر محدد مسبقاً يا إما الإعدام أو السجن المؤبد إنه خطر على الجميع لقد كان يخزن جماعات من الفاريجان تحتنا مباشرةً من يعلم ما الذي كان يخطط لفعله باستعمالهم".
ظل ماركوس صامتاً لبرهة ثم قال: "أسف على ما ستسمعه أيها العجوز لكن تلك المخلوقات ليست من فاريجان".
ظهرت تعابير الاستغراب على وجه العجوز ثم قال بتساؤل: "ما الذي تقوله؟ من الواضح أنهم كذلك".
رد عليه ماركوس بنبرة جادة: "حسب تصريح لوكاس الناجي الوحيد من ذلك المكان تلك مخلوقات ليست فاريجان بل إنهم مواطنون تم تشويه أجسادهم من قبل الكسندر".
ظهرت تعابير الصدمة والتوتر على ملامح العجوز ثم رد عليه وفي صوته التوتر: "أنت تمزح صحيح؟ أخبرني أنك تمزح!".
رد عليه ماركوس بهدوء: "لا لست كذلك أيها العجوز هذا ما قاله لوكاس بالحرف. بالإضافة إذا كنت تريد رأيي حسب ما رأيته من تلك وحوش أثناء تواجدي هناك فكلها تقريباً تمتلك مظهراً بشرياً أو على الأقل تمتلك جلداً بشرياً مما يجعلني أجد كلام لوكاس منطقياً".
بعد سماع العجوز لهذا الكلام وعلى الرغم من كبر سنه انطلق مسرعاً ناحية الممر بينما تعلو وجهه تعابير الصدمة والرعب مما أثار استغراب ماركوس.
ظل العجوز يهرول بين زحام المستشفى حتى خرج من المستشفى ثم استمر بالهرولة نحو مكان تواجد السجن بينما يتمنى من أعماق قلبه أن كلام لوكاس خاطئ.
وصل العجوز إلى الباب الذي يوجد فيه السجن تحت الأرض ثم دخل بسرعة وصرخ بكل ما أوتي من قوة: "توقفووووو!".
الالتفت الناس الذين كانوا بالداخل إليه وفي وجههم تعابير الاستغراب والارتباك.
تقدم العجوز نحو إحدى الزنزانات وقام بأمر الرجل الذي كان أمامها بإخبار الجميع بالتوقف عن التصفية بينما دخل هو إلى الزنزانة حيث يوجد المخلوق مقتولاً على الأرض.
تقدم العجوز ببطء نحوه ثم بدأ بالنظر إليه وهو يتفحصه بتمعن ليلاحظ أن المخلوق فعلاً لديه ملامح شبه بشرية.
ظهرت عليه تعابير الفزع ثم بدأ بتفحص الزنزانات في المكان ليلاحظ أنهم جميعاً يمتلكون أشكالاً شبه بشرية مما أكد له صحة كلام ماركوس.
أصيب العجوز بحالة من الذعر والصدمة وهو يتمتم لنفسه: "يا إلهي.... لقد كانوا بشراً حقاً... علي إيقاف قتلهم بسرعة".
خرج العجوز من الزنزانة ثم صرخ بأعلى صوته: "لكل من يسمعني فليتوقفوا عن قتلهم وأخبروا البقية بالتوقف حالاً!".
بدأ العمال بالتحرك بسرعة بينما جلس العجوز على أحد الجدران وهو يتنفس بصعوبة.
بعد ثوانٍ دخل ماركوس إلى السجن وتوجه ناحية العجوز ثم قال بنبرة من الهدوء والتساؤل: "أتأكدت من صحة كلامي الآن؟".
نظر العجوز إلى ماركوس بعينين مليئتين بالقلق وقال: "لا أصدق أنني تسرعت بقراري هذا... لقد قتلت بشراً على أساس أنهم من فاريجان.".
رد عليه ماركوس: "ليست غلطتك في النهاية من سيعلم أن تلك مخلوقات عبارة عن بشر".
رد العجوز عليه بمزيج من القلق والجدية: "هذا أمر لا يغتفر... الكسندر هذا لا يستحق أي عفوٍ أو رحمة يجب أن يعدم مباشرةً إنه خطر على الجميع... لكن قبل أن أفعل أي شيء علي أن أطرح عليه بعض التساؤلات أولاً".
**(عند غرفة الاستجواب)**
دخل العجوز للغرفة ببطء وفي وجهه ملامح من الجدية.
كان الكسندر جالساً على كرسي خشبي مكبل اليدين والرجلين بوجه مليءٍ باليأس.
تقدم العجوز نحو الكسندر بينما ينظر إليه بنظرات مليئة بالكراهية والاحتقار ثم قال له بينما يجلس على الكرسي: "أظنك تعرف لماذا جئت أيها الحيوان".
رفع الكسندر رأسه ناحية العجوز ثم رد عليه ببرود: "لتخبرني بحكمي على ما أعتقد".
رد عليه العجوز وفي نبرة صوته الكثير من الغضب: "مع كل ما فعلته فحكمك واضح من البداية".
أخذ الكسندر نفساً عميقاً ثم رد عليه وفي نبرة صوته نوع من الانزعاج: "إذاً ما سبب قدومك عندي؟ من المستحيل أنك أتيت فقط لتخبرني بأني سوف أعدم وترحل!".
رد عليه العجوز بينما يقوم بتعديل جلسته: "في الحقيقة لقد جئت لأطرح عليك بعض التساؤلات".
رد الكسندر بينما يقوم بحك رأسه: "لا بأس اسأل ما شئت".
أخذ العجوز نفساً عميقاً ثم قال بهدوء محاولاً كبح غضبه: "لماذا تشوه البشر؟ ما الغرض من كل هذا؟ وكيف استطعت فعل هذا من الأساس فليس لدينا هذه الأدوات الطبية المتطورة؟".
ظهرت تعابير من الانزعاج في وجه الكسندر ثم قال: "إنه أشبه بالإدمان أيها العجوز".
ظهرت تعابير الاستغراب على وجه العجوز بينما أكمل الكسندر كلامه: "كلما أجري تلك التجارب كلما أقوم بقطع أطرافهم وأعيد تركيبها بالطريقة التي تحلو لي ذلك يشعرني بنوع من السعادة بنوع من الراحة التي لم أشعر بها إلا عند قيامي بذلك. ولاكون صادقاً أنا لا أحب ما أفعله حقاً على الرغم من أن قيامي بهذه العمليات يشعرني بالنشوة والسعادة لكن تلك الأحاسيس يقابلها بعد مدة شعور من الندم على ما فعلته شعور مريع يعاقبني على أفعال الشنيعة. لكن حتى عند قراري أن أتوقف عن ذلك تأتيني تلك الشهوة التي لا يمكن مقاومتها للقيام بعمليات أخرى ليتكرر نفس السيناريو مرة أخرى!".
ظل العجوز صامتاً للحظة بعد سماع اعتراف الكسندر بينما زاد شعور الاستغراب في نفسه عند سماع كلماته ثم رد عليه بنبرة يعلوها الاستغراب: "إذاً أخبرني من متى وأنت لديك هذا الإدمان؟ ولماذا لم تطلب المساعدة من أي طبيب نفسي لحل مشكلتك هذه؟ لدينا العديد منهم في القرية".
أخذ الكسندر يكح لعدة ثوانٍ ثم رد عليه بعد ذلك: "هذه المشكلة ليست جديدة أيها العجوز لقد كنت هكذا من صغري لكن بشكل أقل خطورة تحديداً بعمر 10 كنت أقوم بتخييط ذيول السحالي مع بعضها البعض أو الصاق أفواه الحيوانات من أجل المتعة ذلك ما جعلني أوَد تعلم أشياء جديدة. طرق جديدة لأفعل ما أحبه ومع انتشار تلك المخلوقات بهذه القارة وانهيار القوانين التي قد تمنعني من القيام بما أريده انطلقت لتعلم الجراحة في سن 14 كنت أذهب للمستشفيات آخذ الأدوات اللازمة وآخذ الكتب لتعلم كيفية الجراحة وبتر الأعضاء دون القيام بضرر للعضو نفسه وكنت دائماً ما أجرب على تلك المخلوقات ما تعلمته أو إذا كنت محظوظاً كنت أجد بعض البشر للتجريب عليهم. ففي البداية كان مصير كل مخلوق أجري عليه التجارب الموت إما من النزيف أو أي شيء آخر لكن ذلك تغير لاحقاً حيث وجدت وحشاً من تلك المخلوقات الذي كان جثة هامدة وقتها. اقتربت منه وبدأت أقوم بتجاريبي عليه وعلى مخلوق آخر. ومن سبيل المتعة أخذت من دمائه ووضعتها داخل يد الوحش الثاني وقمت بقطعها لأتفاجأ بأن اليد لا تزال سليمة ولا تزال قادرة على الحركة لبضع دقائق. انصدمت من ذلك لكنني أكملت العملية لأستطيع بعدها صنع أول وحش صناعي لي. وحش بأطراف مختلفة ولا تزال الحياة تهب فيه. من تلك اللحظة وأنا أقوم فقط بذلك النوع من العمليات بعد أن أخذت دماء ذلك الوحش بالكامل. وبعد سنوات عدة تحديداً عند بلوغي سن 20 بدأ يأتيني شعور من الندم شعور سيئ على كل ما فعلته. استوعبت وقتها أن ما كنت أفعله شيء بشع شيء أسوء من السوء لكن حتى مع ذلك حتى مع تقبلي لحقيقة أنني كنت أفعل أشياء وحشية لا يجب على أي أحد فعلها لا تزال تلك الرغبة للقيام بالتجارب لم تزل مني فمع كل تلك السنوات تلك العادة أصبحت جزءاً لا يتجزأ مني. حتى عندما دخلت إلى هذه القرية حاولت التغير قررت أن أصبح طبيباً لأساعد الناس ولأساعد نفسي أنا الآخر لأتوقف لكن هذا كان خاطئاً... فور دخولي للقرية وحصولي على مهنة طبيب فيها أصبحت الرغبة أقوى وأقوى بسبب وجود الكثير من البشر بالأرجاء. كل عملية كنت أقوم بها لمساعدة شخص ما هنا كانت تزيد من شهوتي وإدماني لدرجة لا يمكن مقاومتها لكنني لم أكن استطيع فعل شيء بسبب أنه لا يوجد مكان آمن لأقوم بعملياتي فيه لذلك ظللت أُعَذَبُ من شهوتي ورغبتي للقيام بالعمليات لأيام وأسابيع وشهور إلا أن في يوم من الأيام بينما كنت أتمشى خارج القرية محاولاً كبح نفسي من القيام بذلك رأيت حفرة صغيرة أمام أحد الأشجار مما أثار فضولي قليلاً. مررت بجانبها فإذا بي أرى سلماً لمكان ما تحت الأرض ولاكتشف فيما بعد بأنه سجن مخفي تحت الأرض ومن ذلك الوقت شهوتي قد سيطرت علي بالكامل وكما تعلم أصبحت أخطف الناس بعز الليل وأقوم بتجاريبي فيه. بالإضافة كيف من المفترض بي أن أقول هذا لطبيب نفسي؟ أتريدني أن أقول له أنه لدي شهوة للقيام بتجارب على ناس؟ لقد كان هذا سيتسبب بطردي من القرية أو حتى إعدامي لذلك بقيت متسترا على وضعي".
بقي العجوز صامتاً لبعض الوقت بينما ينظر إلى الكسندر بنظرات من الصدمة والاشمئزاز ثم نهض من مكانه وقال بنبرة صارمة: "مرض أو شهوة أنا لست مهتماً لهذا فأفعالك تخطت حدود الوحشية فلا يمكن لأحد تبرير هذا القدر من المعاناة التي سببتها للآخرين وحتى مع انعدام القانون بالعالم لكن في قريتنا الصغيرة سيتم تطبيق العقوبة التي تستحقها".
نظر الكسندر إلى العجوز بنظرة فارغة ثم قال بصوت بارد: "افعلوا ما تشاؤون".
خرج العجوز من الغرفة تاركاً الكسندر مكبلاً بالكرسي مستسلماً لمصيره.
بالخارج التقى العجوز بماركوس الذي كان ينتظره بجانب الباب.
سأله ماركوس: "هل انتهيت الآن؟".
هز العجوز رأسه ورد عليه بنبرة هادئة لكنها ثقيلة: "أجل. بالمختصر سيتم الإعدام علناً بمنتصف القرية بعد ساعة وذلك من أجل أن يرتاح المواطنون باختفاء القاتل الذي كان يرعبهم طيلة تلك الأيام".
رد ماركوس عليه بعدم اهتمام: "جيد... المهم بعد أن ينتهي الإعدام وكل هذا أتمنى أن تقوم بوعدك وتعيد لنا عربة من عرباتنا".
رد العجوز على ماركوس بهدوء: "لا تقلق عندما ننتهي سنعطيك لقاحاً للوباء ونعطيك ما تريده فأنت من ساعدنا في النهاية".
**(في منتصف القرية)**
تجمع سكان القرية في منتصفها بعد إعلان العجوز عن إعدام الرجل الذي تسبب باختفاء المواطنين.
وقف العجوز أمام الكسندر الذي كان مكبلاً ساقطاً على ركبتيه في الأرض وتعلو وجهه ملامح اليأس والاستسلام.
بينما كانت ضجيج المواطنين تعم الأرجاء رفع العجوز يده في الهواء ليعم الهدوء بعد ذلك.
أهبط العجوز يده وتحدث بصوت عالٍ وواضح للجميع: "أيها الناس. اجتمعنا اليوم لاتخاذ قرار مصيري. الكسندر الذي وثقنا به كطبيب في هذه القرية، ليتبين فيما بعدها بناءً على ما رأيناه وشهادة لوكاس أنه قام بجرائم لا تغتفر في حق المواطنين حيث اتضح أنه يقوم باختطاف المواطنين وإجراء تجارب مروعةً عليهم تاركاً إياهم في عذاب مدى الحياة بواسطة أجسادهم الخاصة".
ساد الصمت المكان وظهرت تعابير الاشمئزاز على وجوه الحضور.
تبادل البعض النظرات والهمسات بصوت خافت.
أكمل العجوز كلامه: "إن استمرار هذا الوحش بالعيش عبارة عن تهديد مباشر لكل واحد منا. لقد عاش معنا. وظننا أنه واحد منا. لكنه قد قام بجرائم لا تغتفر في حق كل واحد منا".
نظر العجوز نحو أحد الحراس في المكان الذي كان يحمل مسدساً في ذراعه (نفس الشخص الذي قام بتهديد ماركوس بالمسدس في البداية) ثم هز رأسه آمراً إياه بالاستعداد للإعدام.
ثم نظر ناحية الكسندر الذي كانت تعلو وجهه تعابير اليأس والبرود ثم قال له: "ألديك أي كلمات أخيرة؟".
نظر الكسندر نحو المواطنين ليجدهم ينظرون نحوه بنظرات من الاشمئزاز والكراهية، فأخذ الكسندر نفساً عميقاً ثم قال بصوت يملؤه الألم والحزن: "لن أطلب الرحمة، لأنني لا أستحقها. كل ما فعلته كان بدافعٍ لم أستطع التحكم فيه. حاولت التوقف لكنني فشلت، ولكن هذا ليس مبرراً لما فعلته للآخرين وها أنا ذا جالس أمامكم مستعد لتلقي عقابي".
انتشر صدا كلماته بين جموع المواطنين.
لم يظهر على ملامحهم سوى الغضب والقه مع صرخاتهم المليئة بالحقد والكراهية التي ملأت المكان.
نظر العجوز ناحية الحارس وأشار له لبدء الإعدام.
تقدم الحارس ناحية الكسندر ووضع المسدس في مؤخرة رأسه.
بدأ جسد الكسندر بالارتعاش والعرق بغزارة، على الرغم من تقبله لحقيقة موته لكن جسده يأبى تصديق ذلك. جسده. عقله. قلبه. كل خلية من جسده لا تريد الموت.
حاول الكسندر قول شيءٍ ما لكن الحارس ضغط على الزناد لتدخل الرصاصة رأسه وتطرحه على الأرض قتيلاً لتبدأ بعدها بقعة من الدم تتسع أسفل رأسه معلنة نهاية حياة مليئة بالاضطراب والجرائم.
سادت أصوات الحاضرين المليئة بالفرح من انتصارهم على القاتل.
أشار العجوز ناحية مجموعة من الحراس في المكان ليقوموا بعدها بلف الكسندر بقماش أسود ويقوموا بحمله بعيداً عن المكان.
بدأ الناس بالتفرق تدريجياً بعضهم لا يزال يشعر بالغضب والبعض الآخر يشعر بالراحة لموت القاتل أخيراً والبعض الآخر حزين على الحال التي وصلت لها القرية.
وفي زاوية بعيدة كان ماركوس يشاهد كل شيءٍ بصمت. أدار رأسه إلى العجوز ثم قال بنبرة هادئة: "أيها العجوز أيمكنني الذهاب لأتحقق من جثة الكسندر؟ أحتاج لأتأكد من بعض الأشياء".
هز العجوز رأسه موافقاً على طلبه، وقبل أن يذهب. توجه ناحية نيكولاس وقال له: "خذوا العربة التي سيعطيكم إياها العجوز وانتظروني بالخارج". ثم ذهب مبتعداً عنهم.
نظر نيكولاس إليه باستغراب لبعض الوقت. لكنه تجاهل شعوره فور رؤيته لمجموعة من الرجال يقومون بحمل نفس العربات التي أحضروها سابقاً إليهم.
اقترب العجوز ناحية نيكولاس ووضع يده فوق كتفه قائلاً: "حسناً هذا ما وعدنا ما به ماركوس. عربة واحدة من التي أحضرتموها ودواء الوباء الخاص بكم. أظن أن هذا كل شيء".
الالتفت نيكولاس ناحية إيثان وجيني. اللذان بدورهما بادلاه النظرات. ثم أشار لهما لكي يساعداه بحمل العربة.
توجهوا ناحية العربة وتعاونوا ثلاثتهم حاملين إياها خارج القرية.
وضعوا العربة بالخارج ثم جلسوا جميعهم ليستريحوا إلى حين رجوع ماركوس.
---
"رأسي يألمني"
"ذاكرتي مشوشة"
"ما الذي حدث"
"أكان كل ذلك حلماً؟"
فتح الكسندر عينيه ببطء. ليجد نفسه فوق أحد الأسرة الخاصة بالمستشفى.
لم يستطع النهوض في بادئ الأمر. لكنه نهض من مكانه في نهاية المطاف.
لم يكن يستطيع رؤية شيء بسبب عدم ارتدائه لنظاراته. لذلك بدأ بتحريك يده في المكان وتحسس كل شيءٍ يلمسه على أمل أن يجدها.
بعد مدة ليست بكثيرة استطاع إيجاد نظارته التي كانت فوق إحدى الطاولات أمامه. حملها من الطاولة وقام بوضعها ببطء على عينيه لتتحسن رؤيته فيما بعدها.
بدأ الكسندر بالنظر حوله بتمعن.
كانت هناك العشرات من الأسرة الطبية والتي كان فوقها بشر على ما يبدو أنهم موتى مغطون جميعاً بقماش أسود ما عدا أقدامهم التي كانت بارزة في كل الجثث.
ظهرت تعابير القلق والاستغراب في وجه الكسندر ثم قال بنبرة تعلوها القلق والتوتر: "أ... أين أنا؟ آخر شيءٍ أتذكره أنه قد تم إعدامي..... أيمكن... أن هذا الجحيم؟".
بعد إكماله كلامه بثوانٍ معدودة سمع صوتاً من ورائه. صوتاً مألوفاً بنسبة له: "لا لست بالجحيم بعد".
الالتفت الكسندر ببطءٍ إلى الوراء وفي وجهه ملامح الصدمة والارتباك. كان الرجل الذي يقف خلفه ماركوس ينظر إليه من بعيد وهو جالس فوق إحدى الأسرة.
قال الكسندر والصدمة تسيطر على ملامحه: "ما الذي تفعله هنا؟ وكيف انتهى بي المطاف حياً؟ أنا متأكد أن الرصاصة قد اخترقت دماغي!!".
رد عليه ماركوس: "كل ما فعلته هو التعديل على مسدس الشخص الذي أعدمك قبل الإعدام. وجعلته ضعيفاً لدرجة عدم قتلك لكن قوياً بما فيه الكفاية لجعلهم يظنون أنك ميت. ألديك أي أسئلة أخرى؟".
ظل الكسندر متجمداً في مكانه من الصدمة. محاولاً استيعاب كل ما يحصل.
أكمل ماركوس كلامه: "إذا كنت تتسائل عن سبب إنقاذي لك فبكل بساطة لأنك شخص مفيد بشكل لا يوصف. لتفكير فقط أنه لا زال هناك أطباء يمكنهم إعادة الأعضاء المبتورة إلى صاحبها. لا بل حتى تركيبها في بشر آخرين بالطريقة التي يريدها لهو أمر لا يمكن وصفه حقاً".
ظل الكسندر صامتاً لبرهة. بينما عيناه كانتا تتسعان برعب وتوتر أثناء سماع كلامه. وقال بصوت يزداد توتراً وعصبية مع الوقت: "أأنت بكامل قواك العقلية؟ بعد كل ما فعلته. تنقذني فقط لأنني مفيد؟ أأنت مجنون؟! لقد عذبت مئات الأرواح فقط لأنني لا استطيع السيطرة على نفسي وعلى شهوتي! أنا لن أفيد بشيء بل فقط سأعيد نفس السيناريو مرة أخرى!".
رد عليه ماركوس بنبرته الهادئة الجدية المعتادة: "إذا كنت قلقاً بشأن شهوتك تلك. فيمكنني علاجك منها. لذلك لا يمكنك اعتبارها مشكلة".
رد عليه الكسندر بنبرة تملؤها الصدمة والحيرة: "ماذا؟ ما الذي تهذي به كيف لك بأن تعالجني؟".
نهض ماركوس من كرسيه وبدأ يمشي ناحية الكسندر ببطء حتى وصل إليه. رفع الكسندر رأسه للأعلى بتوتر ليجد ماركوس ينظر إليه بهدوء من خلف قناعه.
وجه ماركوس قبضته المقفلة ناحية رأس الكسندر وقال له: "أتتذكر عندما وجدت يدك مكسورة فجأة ولكنك لم تكن تتذكر كيف حدث لك ذلك؟".
أجابه الكسندر بصعوبة: "نعم...".
أكمل ماركوس كلامه: "لقد كنت أنا من فعل ذلك لك. لكنك لم تكن تتذكر بسبب استعمالي هذا عليك".
فجأة ومن دون سابق إنذار ضرب ماركوس يده بالحائط بقوة مما جعل الكسندر يبتعد عنه بضعة خطوات مفزوعاً مما فعله.
فتح عينيه بفزع وفي وجهه ملامح الاستغراب والارتباك.
وفي وسط كل تلك المشاعر المتضاربة. لمح الكسندر شيئاً غريباً في ذراع ماركوس. لقد بدأت بالارتجاج بشكل غريب وسريع مما أثار استغرابه.
أكمل ماركوس كلامه: "نوكسيس. إنها تقنية خاصة تسمح لي بصنع ترددات معينة ترسل مباشرة إلى الدماغ والتي استخدمها عادةً بمسح دقيقة من ذاكرة الشخص بدءاً من وقت تلقيه الضربة ولكن المدة تتضاعف مع كل ضربة تسدد. قد تتسائل ما دخل هذا بإدمانك؟ بكل بساطة بإمكاني استعمال نفس التقنية ولكن باستعمال ترددات مختلفة لاستهداف العضو الذي يسبب لك إدمانك هذا وأقوم بتقليل نشاطه وها أنت ذا قد شفيت".
نظر الكسندر إليه بنظرات من الشك وعدم التصديق: "أأنت متأكد من أنك قد تستطيع فعل أي شيءٍ من هذا؟".
رد عليه ماركوس: "نعم وإن لم تصدق فما رأيك بإلقاء نظرة على المكان".
رد عليه الكسندر: "ما الذي تق___".
تفاجئ الكسندر بأنهم ليسوا بنفس المكان وأنهم انتقلوا إلى غرفة أخرى مختلفة عن الغرفة السابقة: "ماذا؟! أين نحن؟".
رد عليه ماركوس: "أصدقت الآن؟".
نظر الكسندر نحوه بذهول بينما بدأ شعور طفيف من الأمل يظهر في قلب الكسندر. ثم قال بنبرة متسرعة: "ما الذي تنتظره افعله__".
وقبل أن يكمل كلامه سدد ماركوس ضربة قوية لمنطقة معينة من رأس الكسندر مما جعله يسقط على الأرض من شدة الألم. ثم قال له بنبرة هادئة: "حسناً لقد انتهينا. انهض على قدميك بسرعة فليس لدينا الكثير من الوقت".
نهض الكسندر من الأرض بصعوبة ليتفاجأ بأنه أصبح خارج القرية. بقي واقفاً لبعض الثواني محاولاً استعادة توازنه ووعيه بالكامل. بعد استيقاظه بشكل كامل راوده شعور غريب. شعور لم يحس به من قبل.
"ما هذا الشعور؟ كنت معتاداً دائماً على الشعور بالنقص عند مرور مدة بدون القيام بعملياتي حتى لو كانت قصيرة لكنه شعور دائم بنسبة لي لكن الأمر مختلف الآن... ذلك الشعور قد اختفى تماماً لا أشعر بعدم الارتياح المعتاد. لا يراودني شعور بأنني أريد فعل أي عمليات بعد الآن. لقد فعله حقاً! لقد كان صادقاً بحق! لكنني لم أتوقع أن أستطيع الشعور بهذا بهذه السرعة. ظننت أنني قد أعرف بعد عدة ساعات وهو الوقت الذي بالعادة أنشط فيه لفعل ما أقوم به".
قاطع ماركوس تفكيره قائلاً: "ألم تسمعني؟ قلت لك بسرعة لا أريد أن يخيم علينا الليل بنصف الطريق".
رد عليه الكسندر: "انتظر لحظة أدواتي والمواد التي استعملها موجودة بغرفتي الطبية. لا استطيع فعل الكثير من دونها".
أخذ ماركوس يتنهد ثم رد عليه: "للأسف فقد قاموا بتفتيش غرفتك وزنزانتك وأخذوا تلك المواد التي كنت تستعملها. وهم الآن يحاولون معرفة مصدرها وكيف تصنع لكي يستفيدوا منها في الطب".
ظهرت تعابير الانزعاج على ملامح الكسندر ثم قال: "لسوء حظك كل تلك الأشياء التي أقوم بها تحتاج بشكل أساسي تلك المواد لكي تنجح".
رد عليه ماركوس بعدم مبالات: "ليست مشكلة بإمكانك إخباري أثناء الطريق بكيفية صنعها وسأوفر لك كل ما تحتاجه فقط قم بعملك وأعطني أفضل النتائج".
رد عليه الكسندر: "إذا كان الأمر هكذا فليس هناك مشكلة إذاً".
رد عليه ماركوس: "إذاً دعنا نذهب من هذا المكان".
لينطلق الكسندر وماركوس ناحية الفريق الذين كانوا ينتظرونه.
تفاجئ الجميع من أن الكسندر لا زال حياً. لكن ماركوس أخبرهم بأنه سوف يشرح لهم كل شيءٍ في الطريق.
ليذهبوا بعدها في رحلة طويلة عائدين إلى قريتهم الأساسية.
**(نهاية الفصل)**
(لا تنسى الصلاة على النبي)
