**(تكملة للأحداث السابقة)**
ظلام دامس في كل مكان، وصوت صفير قوي يسيطر على الأجواء، مع حضور ألم حاد في رأسه. بعد مرور مدة من الوقت لم يعرف مدتها. دقائق؟ ساعات؟ أم أيام؟ فتح إيثان عينيه ببطء ليجد نفسه فوق أحد الكراسي، مقيد القدمين واليدين.
بدأ إيثان بالنظر بأرجاء المكان غير مستوعبٍ للموقف الذي هو فيه. بعد مرور عدة دقائق على استيقاظه، وبعد أن استرجع رشده بالكامل، ظهرت عليه تعابير الاستغراب والصدمة، ثم شرع يحاول فك قيوده بالقوة، لكنه توقف بعد أن وجد أنه لا يمكنه التحرر بهذه الطريقة.
بدأت دقات قلبه بالارتفاع، والتوتر يزيد عنده بشكل مهول. بدأ بتفحص المكان بسرعة ليجد أنه في غرفة متهالكة مليئة بالغبار وشباك العنكبوت، وفي السقف مصباحٌ صغير بالكاد ينير الغرفة.
أمام عينيه كانت هناك قضبان حديدية تفصل غرفته عن ممر مظلم يكاد لا يرى فيه شيئاً. منذ استيقاظه وهو يتساءل: ما هذا المكان؟ وما الذي حصل له ليصل إلى هنا؟ حاول إيثان النهوض لكنه لم يستطع. لقد كانت قيوده مربوطة بقوة مما جعله عاجزاً غير قادرٍ على فعل شيء. وبقي على نفس الحال لمدة من الزمن، إلا أنه فجأة بدأ يسمع أصواتاً غريبة تأتي من الجدران.
نظر إيثان بفزع ناحية الجدران ليجد أنه لا يوجد شيء غريب داخل غرفته، مما جعله يظن أن الأصوات قادمةٌ من الخارج.
حاول إيثان مجدداً فك قيوده بالقوة، لكن انتهى به الأمر ساقطاً على الأرض مع الكرسي، مسبباً لنفسه المزيد من الألم. أخذ إيثان نفساً عميقاً ثم أغمض عينيه وبدأ يحرك جسده بعنف كمحاولة يائسة لتحرير نفسه. لكن الحبال كانت مشدودة بإحكام، وكل حركة كانت تزيد من ألمه. بينما بدأ العرق يخرج من جبينه بسبب الجهد والخوف، إلا أن قواه خارت وتوقف عن المقاومة. ليبقى ساقطاً على الأرض عاجزاً عن فعل أي شيء.
بعد مرور عدة ثوانٍ، بدأ إيثان بسماع صوت تحريك الحديد من القضبان، مما زاد من توتره قليلاً. فتح إيثان عينيه ببطء ونظر مباشرة نحو القضبان الحديدية. لتظهر على وجهه تعابير الفزع والرعب، وتبدأ ضربات قلبه بالتسارع بقوة من بشاعة المنظر الذي رأاه. خلف القضبان كان يقف مخلوق بشكل بشري بدون جلد، يرتدي سروالاً مقطعاً من غير قميص، وفي وجهه كانت هناك عين عملاقة بدل ملامح وجهه. أمسك المخلوق بالقضبان وبدأ بدفعها بقوة محاولاً الدخول.
ظل إيثان مجمداً في مكانه والرعب والتوتر يهيمنان على جسده، بينما استمر المخلوق يحاول تحطيم القضبان بكل قوته. بدأ إيثان بالنظر بكل أنحاء الغرفة باحثاً عن أي شيء يمكنه فك قيوده به. لتأتي فجأة فكرة في ذهنه. حاول إيثان النهوض بكل ما تبقى من قوته، ولحظة واحدة أسقط نفسه على الأرض متعمداً لتنكسر معه خشبة من خشبات الكرسي الذي كان يجلس فيه. وكرر العملية عدة مرات حتى انكسرت كل أقدام الكرسي. وبعدها توجه إيثان ببطء نحو إحدى الخشبات التي كانت مدببة الأطراف وبدأ يحاول إمساكها. لقد كان الأمر صعباً في البداية لكنه استطاع فعلها بالنهاية. ثم بدأ يحاول استعمالها بحذر من أجل قطع الحبال التي كانت تقيده.
ضربات المخلوق للقضبان زادت عنفاً، مع صوت المعدن تحت ضغط قبضتيه أصبح أكثر وضوحاً. أمسك إيثان الخشبة بصعوبة باستعمال أطراف أصابعه ووضعها على الأرض وجعل رأسها المدبب ينظر إلى الأعلى. ثم وضع الحبل فوق الخشبة وبكل قوته بدأ بضغط الحبل على الخشبة وتدويرها بشكل دائري محاولاً جعل الحافة المدببة تقطع الحبل. استغرق الأمر الكثير من الوقت ووقعت الخشبة عدة مرات، لكنه كرر المحاولة في كل مرة. إلا أن أخيراً سببت الخشبة في إضعاف الحبل، واستطاع إيثان ببعض القوة فك قيوده. ثم بسرعة قام بفك القيود التي على قدميه ليشعر بعدها بالفرحة والراحة جراء ذلك.
نظر إيثان نحو القضبان ليجد المخلوق مازال يضرب القضبان، لكن ضرباته لم يكن لها تأثير واضح أو قوي على القضبان. نظر إيثان إلى يديه ليجد آثار الحبال مطبوعة عليها، وفي وجهه تعابير الانزعاج من الألم الناتج عنها.
بعد مرور عدة دقائق، لاحظ إيثان أن المخلوق قد توقف عن ضرب القضبان ثم بدأ بالابتعاد عن إيثان ببطء حتى اختفى بين ظلمات الممر، بينما ظل إيثان ينظر إليه بنظرات استغراب وقلق. بعد ذهابه، اقترب إيثان ببطء نحو القضبان الحديدية وبدأ بالبحث عن طريقة للخروج من هنا. بدأ بالنظر يميناً ويساراً ليجد طريقين: ممرين آخرين مثل الممر الذي أمامه. حاول دفع القضبان بكل قوته لكن ذلك كان من دون جدوى.
أخذ إيثان خطوة للوراء محاولاً التفكير بحلٍ آخر. نظر حول الغرفة مجدداً محاولاً العثور على أي شيء بإمكانه مساعدته في التحرر. كانت الغرفة خاوية تقريباً سوى بقايا الكرسي المحطم والغبار الكثيف. استلقى إيثان على الأرض وبوجهه تعابير القلق بينما ينظر إلى الممر المظلم.
ظل إيثان على نفس الحال لدقائق معدودة. إلا أنه فجأة بدأ يسمع صوت خطوات تقترب منه. وجه أنظاره بقلق نحو الممر ليجد رجلاً غريباً يرتدي ملابس طبية زرقاء، ويرتدي كمامةً زرقاء ونظارات تخفي عينيه. اقترب الرجل نحو قفص إيثان ثم نظر نحوه بهدوء وبدأ بالنظر إلى بقايا الكرسي المحطمة ثم قال بنبرة هادئة: "يبدو أنني سأعاني من بعض المشاكل معك".
شعر إيثان بالقلق والتهديد منه فذهب بسرعة نحو إحدى قطع الخشب للكرسي وحمل واحدة مستعملاً إياها كسلاح. أنزل الرجل كمامته حتى ظهر فمه، ثم قام بإخراج صفارة من جيبه ووضعها في فمه ليقوم بعدها بالنفخ فيها بقوة. لكن لم يخرج أي صوت أو حدث أي شيء غريب جراء ذلك، مما ترك إيثان حائراً عما الذي فعله. وبعد مرور عدة ثوانٍ بدأت تسمع أصوات خطوات كثيرة قادمة من الممر.
بدأت أصوات الخطوات تزداد وضوحاً واقتراباً، مما جعل قلب إيثان ينبض بعنف من شدة التوتر بينما يمسك بالقطعة الخشبية بقوة استعداداً لما ينتظره.
ومن الممر المظلم بدأت تظهر مجموعة من المخلوقات المشابهة للكلاب لكنها بدون فروتها وبشكل أكثر تشويهاً ورعباً. وقفت المخلوقات مباشرة أمام الرجل وبدأت بالالتفاف حوله وشمه بينما ظل واقفاً في مكانه غير مظهر أي علامات للقلق أو الخوف. التفت الرجل نحو إيثان ثم أخرج علبة زجاجية صغيرة في داخلها سائل غريب أشبه بالدماء، ثم قام برميها على إيثان مكسّراً إياها لينسكب السائل على ملابسه. نظر إيثان إلى ملابسه ليجدها قد اتسخت بفعل السائل. قام بلمس ملابسه ليُلاحظ أنها قد أصبحت أكثر سخونة بشكل غريب مما أثار استغرابه. أعاد إيثان أنظاره نحو الرجل ليجد أن كل الكلاب تنظر إليه بنظرات غريبة لتبدأ بعد ذلك بالركض بهمجية ناحية قفص إيثان مما أثار فزعه.
كانت الكلاب تدفع القفص بقوة لدرجة ظهور تشققات في الجدران المتصلة به. وبين كل هذا ظل الرجل واقفاً في مكانه بينما ينظر إلى إيثان بنظراته الباردة. ليبعد بعد ذلك بالمشي ناحية القفص غير مهتم لجموع الكلاب. بعد وصوله للقضبان، قام بإخراج مفتاح حديدي ثم قام بإدخاله في قفل الزنزانة فاتحاً القفص لدخول الكلاب. لتبدأ الكلاب بعد ذلك بالدخول بأعداد مهولة لداخل الغرفة متوجهين ناحية إيثان بأعين متعطشة لدماء.
أمسك إيثان الخشبة بقوة ثم بدأ بضربهم الواحد تلو الآخر محاولاً الدفاع عن نفسه. لكنهم في النهاية استطاعوا إطاحته أرضاً والبدء في جره خارج الغرفة ناحية الممر. فتح إيثان عينيه وفي محاولة يائسة للتحرر، أمسك في أحد القضبان الحديدية ليوقف جر الكلاب له وبدأ بركلهم وضربهم بكل ما أوتي من قوة. لكن أحد الكلاب قام بعض يد إيثان بقوة مخترقاً لحم ذراعه، مما جعل إيثان يترك القضبان من شدة الألم ويمسك ذراعه المصابة بينما يتم جره من قبل الكلاب لمكان مجهول.
بعد مدة من الحدث، أحس إيثان فجأة بأن الكلاب قد توقفت. ففتح عينيه ليجد أنه في غرفة باللون الرمادي، وفي سقفها مصباح كبير ينير الغرفة بالكامل، وفي حواف الغرفة مجموعة من الكراسي القطنية الواضح عليها القدم، وفي وسط الغرفة سرير حديدي فيه شخص غريب مقيدةٌ أطرافه في السرير بدون ملابس. حاول إيثان النهوض من الأرض لكنه توقف فجأة عندما لاحظ أن يده مقيدة بالكرسي بقيود معدنية مما أثار استفزازه. نظر إيثان حول الغرفة ليجد الكلاب قد مزقت قميصه وتقوم بتقطيعه لقطع صغيرة. رأى أيضاً طاولة صغيرة أمام السرير مليئة بالأدوات الطبية الحادة.
أخذ إيثان نفساً عميقاً ثم نظر مجدداً ناحية السرير ليتفاجئ بأن الشخص المقيد فيها ينظر إليه بنظرات قلق وخوف. ثم قال له وفي وجهه ملامح الجدية: "أهلاً، أنت مستيقظ! هذا ممتاز. ليس لدينا وقت لهذا الكلام، عليك تحريري بسرعة لنستطيع الهروب من هنا". ظل إيثان ينظر إليه بنظرات قلق ثم أشار له بيده المتحررة نحو الأصفاد الحديدية التي تقيده. هز الرجل جسده بقوة مما قام بهز السرير قليلاً ثم قال بنبرة واضح عليها الغضب: "ليس مهماً! افعل أي شيءٍ لتتحرر. اقطعها. كسرها. مزقها. فهذا أرحم من الذي سيفعله بنا هذا الوحش". بعدها بدأ الرجل يحاول تحريك قدميه بكل ما أوتي من قوة لكنه كان فقط يحرك السرير لبعض السنتيمترات. بينما ظل إيثان ينظر إليه وفي وجهه ملامح الاستغراب مستغرباً مما يخطط له.
استمر الرجل بفعل ذلك إلا أنه أخيراً استطاع إسقاط الطاولة التي فيها الأدوات الجراحية لتنتشر كل الأدوات الحادة بأنحاء الغرفة. نظر الرجل نحو إيثان وفي وجهه ملامح التعب ثم قال بينما يتنفس بصعوبة: "خ-خذ أحد تلك السكاكين وقم بتحرير نفسك ثم تحريري! هيا أسرع!". أمسك إيثان إحدى السكاكين الملقاة على الأرض ثم شرع بمحاولة قطع السلك الحديدي الملتصق بينه وبين الكرسي، ليقوم الرجل بعدها بالصراخ عليه: "ما الذي تفعله؟ استعمل السكين لفتح السلاسل من خلال وضعها على الفتحة وتحريكه! هيا أسرع!". شرع إيثان بتطبيق ما قيل له ثم قام بالبحث عن فتحة المفتاح بالقفل ووضع السكين داخلها والبدء بمحاولة فتحها.
(صوت فتح باب)
لكن الأوان قد فات. نظر إيثان والرجل نحو الباب ليجدا نفس الرجل الذي قام باختطافهم. أخذ الرجل نظرة إلى أدواته المبعثرة على الأرض ثم قال بنبرة شبه منزعجة: "أنت كثير المشاكل يا لوكاس. أظن أن عليّ معاقبتك". ظهرت تعابير الرهبة والخوف على ملامح لوكاس ثم بدأ بمحاولة الهروب من قيوده بكل قوته والصراخ بهستيرية: "أيها ال#%$%! ما الذي تريده مني؟ ما الذي فعلته لك؟ ابتعد عني!". لم يعره الرجل أي اهتمام ثم قام بإعادة الطاولة إلى مكانها والتقاط أدواته من على الأرض بينما يدندن بلحن ما متجاهلاً صراخ لوكاس.
بعد أن دخل الرجل للغرفة، قام إيثان بإخفاء السكين سريعاً ثم التظاهر بأنه قد استيقظ لتوه. بعد أن أنهى الرجل جمع أدواته توقف للحظة ثم قام بإنزال حقيبة كبيرة على ما يبدو أنه قد لبسها منذ مدة قصيرة ثم قام بوضعها جانباً. نظر الرجل نحو لوكاس بنظرات باردة ثم قام بتثبيت رأسه على السرير باستعمال قيد جلدي. ثم من بعد ذلك قام بحمل قلم حبر أسود اللون من الطاولة وشرع برسم خطوط متقطعة حول ذراع لوكاس اليمنى وقدمه اليسرى وعينيه الاثنتين. بينما ظل لوكاس يصرخ بجل ما عنده من قوة: "أيها المجنون اتركني! أنا لم أفعل شيئاً لك!" لدرجة أن الدموع قد بدأت بالسقوط من عينيه. لكن الرجل لم يحرك له جفناً وأكمل ما كان يفعله.
أمسك الرجل بحقنة غريبة فيها مادة خضراء ثم قام بحقنها بكلا من يد لوكاس وقدمه. وبعد ذلك أمسك مشرطاً حاداً وشرع يقوم بقطع يد لوكاس ببطء وتركيز متجاهلاً صراخاته الهستيرية. بينما كان إيثان يحاول فك قيوده عندما لاحظ أن الرجل لم يكن يراه، وفي وجهه تعابير الرعب والقلق. حاول لوكاس المقاومة لكن محاولاته كانت بلا جدوى. كانت عيناه تفيضان بالدموع، وجسده يرتجف بين الخوف والألم. وفي يأس تمتم لوكاس بصوت ضعيف موجهاً حديثه لإيثان: "أرجوك.... افعل شيئاً...".
وأخيراً استطاع إيثان فك قيوده. أمسك بالسكين بقوة ثم نظر إلى الرجل ليجد أنه لم يلاحظ بعد تحرره، ثم بدأ بالتحرك بصمت نحو الرجل بينما يستعد لطعنه بالسكين. اقترب بحذر، وكانت كل خطوة تزيد من توتره وضربات قلبه. استدار الرجل فجأة للوراء. فهجم إيثان عليه بكل قوته. وقام بطعنه بالسكين في بطنه مما جعله يسقط على الأرض ودمائه تملأ ملابسه المحيطة بالسكين.
سحب إيثان السكين من بطن الرجل وهرع لتحرير لوكاس الذي كان وجهه شاحباً ويده قد قطعت بالفعل، لكن لسبب مجهول لم تكن يده تنزف الدماء. بدأ إيثان بتقطيع قيوده واحدة تلو الأخرى. ولكن وقبل أن يقطع القيد الأخير، نظر لوكاس ناحيته وقال له بصوت ضعيف: "..انتبه ورائك..". التف إيثان بسرعة للوراء. ليجد الرجل يحاول الوقوف على قدميه بينما يضع يده على جرحه. أسرع إيثان ناحيته ثم قام بركله وإسقاطه بالأرض ثم العودة بسرعة ناحية لوكاس وتقطيع قيده الأخير.
أنهض إيثان لوكاس ثم قام بمساعدته على الوقوف. نظر لوكاس نحو الرجل وفي وجهه ملامح الحقد والتعب ثم قال: "اقتله.... اقتل هذا الوحش! إنه لا يستحق العيش". ثم بدأ بالسعال بقوة لدرجة خروج الدماء من فمه. سحب الرجل شيئاً ما من جيبه ثم قام بكل ما تبقى له من قوة برميه على إيثان ولوكاس. انفجر ذلك الشيء لينشر نفس المادة الحمراء التي رماها سابقاً على إيثان. نظر إيثان إلى تلك المادة الملتصقة فيه لتظهر تعابير الرعب على ملامحه. ثم بدأ بالركض بسرعة وهو يساند لوكاس ناحية باب الخروج. وفي نفس الوقت شمت الكلاب المشوهة رائحة المادة ثم التفت جميعها ناحية إيثان الذي يحاول الهروب وشرعت باللحاق به. ولكن قبل أن يصلوا له كان إيثان قد خرج بالفعل من الغرفة وقام بإقفال الباب بقوة مما منع الكلاب من اللحاق به.
نظر إيثان من حوله ليجد ممرين محيطين به: واحد باليمين وواحد باليسار. مما جعله يتوقف للحظة وهو يحدد أي الممرين سيسلك. بعد مدة من التركيز لاحظ أن بالممر الأيسر هناك قطرات دماء ممتدة على طوله. مما جعله يتذكر أن الكلاب قد قامت بعض يده اليسرى مما جعلها تنزف الدماء طول الوقت تقريباً، وهذا جعله يستنتج أن ذلك الممر هو الممر الذي كانت فيه غرفته سابقاً. لذلك التفت نحو اليمين وبدأ بالمشي ناحية الممر الآخر.
كان إيثان بالكاد يستطيع المشي بسبب ثقل لوكاس الذي بالكاد كان يستطيع الحراك. كان الممر مظلماً لكن عيون إيثان قد اعتادت على الظلام مسبقاً. ضوء خافت ينبعث من آخر الممر وهدوء مرعب يسيطر على الأجواء. ظل إيثان يلتفت كل بضع خطوات متأهباً لأي هجوم أو خطوة مفاجئة. لكن كان هناك شيء غريب. لاحظ إيثان أن النور الذي بآخر الممر يصبح أقرب فأقرب بشكل أسرع من المعتاد. وكأنه يقترب منهم، لكنه لم يلق الكثير من الاهتمام به.
استمر إيثان بالتقدم والاقتراب إلى الضوء شيئاً فشيئاً. إلا أن أصبحت المسافة بينهم عدة خطوات فقط. عندها تجمد إيثان في مكانه وظهرت عليه ملامح التوتر.
لقد تأكد الآن... أن ذلك لم يكن مجرد ضوءٍ عادي..
لقد كان مخلوقاً شبه بشري يرتدي ملابس بيضاء بالكامل، وبدل رأسه كان هناك مصباح صغير ينير المكان من حوله. استمر المخلوق بالاقتراب من إيثان ببطء بينما ظل إيثان واقفاً في مكانه من التوتر والخوف. كان لوكاس ثقيلاً لذلك لن يستطيع الهرب منه لو قام باللحاق به، لذلك قام بحمل السكين ثم التأهب لأي هجوم مفاجئ. استمر المخلوق بالتقدم ببطء نحوهم ومع كل خطوة يخطوها كانت تزيد التوتر في نفس إيثان. مر المخلوق بجانبهم ببطء وكأنه لم يراهم ثم استمر بالمشي قدماً حتى ابتعد كثيراً عنهم. استمر إيثان بالنظر إلى المخلوق وفي وجهه تعابير الاستغراب والارتياح بسبب ابتعاده عنهم.
نظر لوكاس إلى إيثان وقال له بصعوبة: "ليس لدينا وقت للتوقف، هيا فلنتحرك". أخذ إيثان يتنبه ثم استمر بالمشي بالممر حتى وصل لغرفة واسعة فيها مجموعة من الأقفاص وفيها مصباح صغير يطلق نوراً خافتاً. دخل إيثان للغرفة ووضع لوكاس على الأرض لأنه قد تعب من حمله ويحتاج لبعض الوقت من الراحة. جلس إيثان وفي عينيه التعب ليرتاح قليلاً من هذا اليوم المتعب.
فتح لوكاس عينيه وقال لإيثان بنبرة هادئة: "أظنني أخبرتك سابقاً بأنه لا يوجد وقت للراحة". نظر إيثان إليه وفي وجهه تعابير الانزعاج، لكنه لم يهتم له وبقي جالساً في مكانه. ظهرت تعابير الغضب على وجه لوكاس ثم قال بنبرة غاضبة: "إنه ليس وقتاً لدلع أو الراحة! لو أمسك بنا فسيقوم بتحويلنا مثلهم". نظر إيثان له وفي تعابيره الاستغراب. أكمل لوكاس كلامه: "وإن لم تكن تعلم من *هم* فأنا أقصد هؤلاء". أشار لوكاس نحو أحد الأقفاص. نظر إيثان إلى المكان الذي أشار إليه لوكاس ليجده يشير نحو أحد الأقفاص التي كان بداخلها مخلوق شبه بشري لديه 6 أطراف موزعة في جسمه مثل العنكبوت، ذو شعر كثيف وعيون سوداء. ظل إيثان ينظر إلى الوحش لفترة غير فاهمٍ لما يقصده لوكاس، إلا أن مرت بضعة ثوانٍ لتظهر تعابير الصدمة على وجهه بعد أن فهم ما الذي كان يقصده.
أكمل لوكاس كلامه: "لقد رأيته بعينيّ! إنه مجنون! لقد قام بقطع أطراف أحد ضحاياه السابقة وإعادة تثبيتها في مكانها، وفعل أشياء أخرى لا أقدر على قولها! لقد قام بتشويهه، وهذا ما كان سيفعله بي لو لم تنقذني". ثم صمت لوكاس لتبدأ الدموع تنهمر من عينيه وفي وجهه تعابير اليأس، ثم استعمل يده المتبقية لينهض من الأرض ثم قال: "حسناً، أظن أنه باستطاعتي المشي لوحدي الآن. هيا لنحاول الخروج من هنا". نهض إيثان معه وبدأ الاثنان بالمشي محاولين الخروج من هنا.
ولكن قبل خروجهم، بدأت المخلوقات التي بالأقفاص بالتحرك فجأة ناحية القضبان. بينما يطلقون أصواتاً حادة ومزعجة وكأنهم يطلبون المساعدة. لكن صوتهم لم يكن سوى أنين وهمهمات غير مفهومة. التف إيثان لناحيتهم بينما ينظر إليهم بنظرات من الشفقة والحزن. استمر لوكاس قائلاً وهو ينظر إلى إيثان بعينين منهكتين: "هؤلاء... كانوا بشراً ذات يوم. لا أعرف مقدار المدة التي مكثوا فيها هنا، لكن من الواضح أنهم قد عانوا هنا، وهذا ما سيحدث لنا إن لم نخرج من هنا". أخذ إيثان ثوانٍ وهو ينظر إلى معاناة هؤلاء البشر المعذبين بنظرات شفقة وحزن، ثم التفت ناحية لوكاس واستمر بالمشي تاركاً إياهم خلفه.
ولكن قبل أن يبتعدوا عن المكان بما فيه الكفاية، بدأوا بسماع صوت خطوات كثيرة متوجهة نحوهم. نظر لوكاس إلى إيثان بوجه قلق ومصدوم: "الل#$! إنها تلك الكلاب مجدداً! لا بد أنها قد استطاعت الخروج! هيا أسرع!". ليقوم الاثنان من بعد ذلك بالركض بكل سرعتهما محاولين تضليل الكلاب عن مكانهم. استمرا بالركض والتنقل بعشوائية بين الممرات جاهلين للمكان الذي يذهبون له، إلا أن توقفا فجأة جراء التعب أمام أحد الأبواب.
فتح لوكاس الباب وقال بنبرة عالية متوترة بينما يمسك الباب: "أسرع بالدخول!". دخل إيثان لداخل بينما أقفل لوكاس الباب ثم جلس عليه لإقفاله بشكل جيد ثم قال بينما ينظر إلى الباب: "حسناً، هذا سيوقفهم لبع-". توقف لوكاس عن الكلام وظهرت تعابير من الصدمة والتوتر على ملامحه، ونفس الشيء بالنسبة لإيثان. وضع لوكاس يده على وجهه ثم قال بنبرة تملؤها الصدمة والحيرة: "ل.ل.لقد عدنا لنفس الغرفة!". لقد عادا لنفس الغرفة التي التقيا فيها مما جعلهما يشعران بالصدمة. أكمل لوكاس كلامه: "كيف حدث هذا؟".
وفجأة، وقبل أن يستوعب لوكاس الأمر بالكامل، تحطم الباب من ورائه بينما قذف هو الآخر بعيداً ناحية السرير الحديدي ساقطاً على الأرض بينما يحس بآلام بكل أنحاء جسده. صُدم إيثان فور رؤيته لما حصل للوكاس مما جعله يلتفت ناحية الباب ليعرف من الذي فعل له ذلك. ليجد أمامه الرجل الذي خطفهم، والذي قد قام بشفاء جرحه بطريقة ما، ومن ورائه مخلوق عملاق ذو جسد قوي وأيادٍ كثيرة في كل أنحاء جسده ويمتلك 5 رؤوسٍ في أعلى جسده.
تراجع إيثان للوراء ثم قام بحمل السكين واتخاذ وضعية هجومية. نظر الرجل ناحية إيثان ثم قام بحمل أداة غريبة تشبه الكشاف لكنها أصغر، في منتصفها زر أسود. ضغط الرجل على الزر ليخرج منها أشعة ليزر حمراء موجهة ناحية إيثان. نظر الوحش ناحية إيثان بأعينه المختلفة ألوانها ثم بدأ بالركض بسرعة ناحية الضوء الأحمر. حاول إيثان الدفاع عن نفسه باستعمال السكين، لكن الوحش أمسكه في ثانية واحدة باستعمال أياديه مما جعل إيثان عاجزاً عن فعل أي شيء.
نظر لوكاس ناحية إيثان وفي وجهه ملامح الألم ثم نظر ناحية الرجل وصرخ عليه بنبرة من الغضب والخوف: "ما بالك أيها المجنون، لماذا تفعل بنا هذا؟ ما الذي فعلناه لك؟". وجه الرجل أنظاره ناحية لوكاس وبقي صامتاً لعدة ثوانٍ. أخذ نفساً عميقاً ثم رد عليه بنبرة هادئة: "أنا آسف لك، صدقني أنا لا أريد فعل ذلك لكن... أنا لا أستطيع". ظهرت تعابير الصدمة على وجه لوكاس ثم رد عليه: "ما الذي تقصده؟ إذا لم تكن تريد فعل ذلك بنا فتوقف عن هذا!". رد عليه الرجل بينما يمسح الغبار عن ملابسه: "لقد قلت لك أنا لا أستطيع. لقد حاولت التوقف عدة مرات لكني لم أستطع... إن الأمر أشبه بإدمان... كلما أقوم بالقيام بعملية تأتيني نوع من النشوة... نشوة جميلة لا تقاوم. لكن مشكلتها أنها تأتي من بعدها شعور من الندم، وهو الذي يزعجني. حاولت الاستماع لهذا الندم والتوقف عن القيام بهذا لكني قد أصبحت عبداً لهذا الشعور ولا أستطيع كبحه لمدة طويلة". رد عليه لوكاس بينما يحاول النهوض: "أنا لست مهتماً لشهواتك! نحن فقط نريد الخروج من هنا!". رد عليه الرجل: "وأنا لست مهتماً بك! بل أريد الحصول على نشوتي... حسناً، ما رأيك بإخبارك ما الذي سأفعله بكم؟" رد عليه لوكاس وفي وجهه ملامح اليأس: "اصمت فقط!". لم يعر الرجل كلامه أي اهتمام وأكمل كلامه: "سوف أقوم بتقييدك أنت وهذا الفتى، وأقوم بتقطيع أيديكم الاثنتين والصقها بواحد منكما، ثم أقوم بقطع رأس الآخر والصقه بجسد الثاني ثم_".
وقبل أن ينهي كلامه سمع صوتاً آتياً من ورائه، التف الرجل بسرعة للوراء ليتفاجئ بماركوس واقفاً أمام الباب ينظر ناحيته من خلف قناعه وهو يقول بنبرة ساخرة: "ظننت أني الوحيد الذي يصنع مخابئ سرية تحت الأرض". ابتعد الرجل عن ماركوس ورد عليه بمزيج من الهدوء والصدمة: "إنه أنت... كيف استطعت الوصول إلى هنا؟ ظننت أني قد خبأت مدخل هذا المكان جيداً؟" رد عليه ماركوس: "أظنك لم تلاحظ، لكني كنت أتتبعك من لحظة اختطافك لهذا الفتى". رد عليه الرجل: "ولم تتدخل إلا بهذه اللحظة؟ أنت رجل غريب". رد عليه ماركوس: "لأكون صادقاً، لقد ضعت في هذا المكان قليلاً... المهم، بما أني قد أمسكتك على أيّة حال، أيمكنك نزع ذلك القناع؟" رد عليه الرجل: "أتظن أنني غبي لإظهار وجهي لك بكل سهولة؟" رد عليه ماركوس بينما يحك رأسه: "ليس مهماً. من الواضح من صوتك أنك ألكسندر". أخذ ألكسندر نفساً عميقاً ثم رد عليه بنبرة منزعجة: "يا لك من ذكي يا صغيري! الآن دعنا ننهي هذا بسرعة".
سحب ألكسندر صفارة من جيبه وبدأ بالنفخ فيها. وعلى عكس الصفارة الأولى، هذه الصفارة أخرجت صوت صفير قوي انتشر بكل أنحاء المكان. نظر ماركوس نحو إيثان الذي يتم سحقه ببطء من الوحش لبعض الثواني ثم بدأ بالمشي نحوه ببطء. نظر ألكسندر إليه باستغراب ثم قال له: "لا تحاول! لن تستطيع تحريره! إن هذا الشيء أقوى بعشرة أضعاف من الإنسان الطبيعي". تجاهل ماركوس كلام ألكسندر ثم أكمل، توقف أمام الوحش. سحب ماركوس يده للوراء مستعداً لتسديد لكمته ثم قام بتقديم قدمه اليمنى للأمام بينما ترك قدمه اليسرى في مكانها. لتبدأ يده فجأة بالارتجاج بقوة وكأنه ارتجاج خيط رفيع. وفي لحظة واحدة سدد ماركوس ضربة قوية لجسد المخلوق. لم تقم الضربة بأي ضرر خارجي أو داخلي للوحش، مما جعل ألكسندر يستغرب من سبب فعل ماركوس لهذا، لكنه تفاجئ فور رؤيته للوحش يترك إيثان ببطء بينما يقف في مكانه بلا حراك وكأنه فقد الوعي.
سقط إيثان على الأرض غير قادر على الحركة من شدة الألم، بينما التفت ماركوس نحو ألكسندر وبهدوء بدأ بالاقتراب منه. ولكن قبل أن يقوم بخطوة واحدة، اقتحمت مخلوقات تشبه الوحش الذي ضربه للغرفة. كانت أعدادها نحو 4 وحوش. وجه ألكسندر الليزر الأحمر نحو ماركوس مما جعل الوحوش تتوجه مباشرة نحو ماركوس قصد قتله. لكن ماركوس لم يبدِ أي ردة فعل واكتفى بالتحديق في ألكسندر من خلف قناعه الذي يخفي ملامح وجهه.
حاول وحشان الهجوم على ماركوس بنفس الوقت. ارتجت كلتا يدي ماركوس ثم وجه ضربة مباشرة لصدر الوحشين ليقعا مباشرة على الأرض بشدة وتبدأ أصوات ارتطام ثقيلة تملأ الغرفة. بينما وقف ماركوس في ثبات متجاهلاً دهشة ألكسندر. حاول أحد الوحشين المتبقيين الهجوم على ماركوس من ورائه، لكنه التفت بسرعة لناحيته ووجه ضربة قوية لأحد رؤوسه لدرجة أن الرأس التي تلقت الضربة قد تهشمت بالكامل، مما جعل الوحش يصرخ بهستيرية من الألم. بدأت يد ماركوس بالارتجاج ثم وجه ضربة أخرى مباشرة في أحد رؤوسه مما جعله يسقط مباشرة على الأرض. أما بالنسبة للوحش الأخير فقد سقط على الأرض لسبب مجهول.
نظر ماركوس لألكسندر بهدوء ثم بدأ بالاقتراب منه. أحس ألكسندر بالتهديد فتوجه نحو طاولته وقام بحمل سلاح حاد محاولة منه للدفاع عن نفسه. توقف ماركوس أمام ألكسندر مباشرة، الذي حاول بيأس طعنه بالأداة الحادة، لكن ماركوس قام بلف ذراعه بالكامل للوراء مسبباً تكسرها. بدأ ألكسندر بالصراخ بهستيرية بسبب الألم، مما جذب انتباه لوكاس وإيثان اللذان كانا ينظران بدهشة لهذا المنظر، وبنفس الوقت أحسا بالسعادة والراحة كونهما قد أنقذا.
اقترب ماركوس ناحية ألكسندر المتألم ثم بدأت يده بالارتجاج وسدد له ضربة مباشرة في وجهه، مما تسبب في توقف ألكسندر عن الصراخ والحركة لعدة ثوانٍ وكأن الوقت قد توقف عنده. ليعود بعدها لطبيعته بعد مرور ثوانٍ معدودة. ظهرت تعابير الاستغراب والصدمة على وجه ألكسندر ثم قال بنبرة استغراب: "مهلاً! ما الذي يحدث؟ كيف ظهرت فجأة أمامي؟" ثم حاول التأشير نحوه بيده المكسورة لتظهر تعابير الصدمة على وجهه فور رؤيته ليده ثم قال بنبرة مرعوبة: "ما الذي حدث لذراعي؟! لقد كانت طبيعية لتو!".
بدأت يد ماركوس بالارتجاج ليسدد ضربة أخرى في وجه ألكسندر ليكرر ألكسندر نفس ما قام به سابقاً (فقدان الوعي لعدة ثواني - الاستغراب من انتقال ماركوس أمامه مباشرة - التفاجئ بأن يده مكسورة). ثم أعاد ماركوس ذلك لحوالي 5 مرات بينما كان لوكاس يشاهد كل ما يحدث بتعبير مختلط من الصدمة والحيرة بينما يفكر: "ما الذي يفعله هذا الشخص؟ إنه يجعل ذلك المجنون يعيد نفس حركاته وأقواله وتعابيره مراراً وتكراراً.... حسناً، ليس عليّ إتعاب نفسي بالتفكير. مهما كان ما يفعله هذا الغريب فهو يعمل!".
بعد أن تلقى ألكسندر الضربة السادسة، سقط على الأرض بقوة مغمى عليه. نظر ماركوس إليه ثم نظر ناحية لوكاس ثم قال بنبرة باردة: "لا داعي للقلق. لقد انتهى كل شيء". ظهرت ابتسامة كبيرة على وجه لوكاس بينما سيطرت مشاعر الفرح والسعادة على قلبه وكأن هذا كان أحسن شيءٍ سمعه في حياته.
**(نهاية الفصل)**
**(لا تنسى الصلاة على النبي)**
